Saturday, March 16, 2013

لا أعرف لماذا لكنه كذلك




مقال بقلم \ حسام حافظ
كٌتبت بتاريخ: 17-3-2013

الأحداث من واقع الخيال ولا تحمل تجارب شخصية



لا أعرف لماذا لكنه كذلك


لا أعرف لماذا لكنه كذلك .. نعم أفكر بعقلى لا بقلبى, حاولت من قبل أستخدام قلبى كبديل لعقلى على أساس الكلمات المشهورة القديمة مثل " خلى قلبك أبيض" و "ميبقاش قلبك أسود بقى" و "متشيلش فى قلبك" لكنى وبكل فخر أقول ( لقد قـُضى بى الأمر)(I Fucked Up) تباَ لك ولقراراتك السخيفة. أينعم, لقد قضى بى الأمر عندما كنت أتعامل مع العالم بقلبى __ وأقصد "بالعالم" هنا جميع التعاملات الحيوية بينى وبين البشر__ ,قلبى الأبيض الذى يعج بالصفاء والإخلاص. إلى أن أدركت حقيقة الأمر الذى جعلنى أتحول من أنسان من لحم ودم إلى إنسان ألى عديم الأحساس .. فلم أعد أشعر بالحزن والأسى عند سماعى أن هناك فلان توفى, أو عندما أرى "شحاذ" يطلب لقمة عيش من الناس. ولا أتأثر بطلاق فلان من فلان, ولا بنجاح فلان فى مشروع فلان. عاااادى جداَ, أستقبل الأخبار بكل برود الأعصاب.

لكن أيضاَ على أن أقر وأعترف أنى دربت ونميت عضلة أستخدام العقل بصورة مبالغ فيها قليلاَ .. فالأمر أنعكس علىً تماماَ     وأصبحت أله للمجادلة فى كل شىء, أجادل فى كل شىء بناءاَ على المنطق والقراءات الكثيرة التى أقرأها وفلسفة العصر, لا على ما أشعر به. فلا يوجد من يستطيع هزيمتى فى فن الحوار, أصبحت أداة أقناع شديدة التعقيد .. أجادل فى الأخلاق, الدين, العادات والتقاليد "النسبة الأكبر" أجادل فى الخطأ لماذا هو خطأ والصح لما هو صح .. أجادل فى كل كبيرة وصغيرة .. أجادل وأجادل وأجادل .. المنطق سيد الموقف ولا مكان للتقاليد .. كونك غير عاطفى هو أن تحرص على حدوث الشىء الصحيح مهما كلفك الأمر. 
لكن دعنى أعود بالزمن إلى الخلف قليلاَ لنعرف سوياَ أسباب ذلك التحول الجذرى فى شخصيتى.



الصدمة الأولى: السن (13) السنة(2003)

كان ذلك منذ زمن عندما كنت فى الثانوية العامة "مرحلة تقرير المصير" أذكر أن علاقتى بوالدى لم تكن بالأمر السهل والسلس, كانت هناك الكثير من المشاكل وأختلاف فى الرأى بنائاَ على قصور مهارات التواصل بين أبى وبينى. ولم تكن المشاكل بيننا فقط. بل وبين أمى أيضاَ. عندما طالبت أمى بالطلاق لعدم تحملها العيش فى هذا الجو من التوتر العصبى الشديد وكان رد أبى بالرفض لمجرد الرفض وبلا أى سبباَ يذكر لتعوده على عدم أتخاذ قرار صارم فى حياته. فقررت أمى بالتخلى عن المنزل قرابة الثلاث شهور وكانت خلال فترة أمتحانات أخر السنة. وكنت أنا من النوع الحنون المرتبط  بأمى جداَ. فلم أكن متوقعاَ فى مرة أن تذهب وتغيب تلك المدة, كنت أعد الأيام والساعات والدقائق, منتظراَ ناظراَ من النافذة لعلها ستظهر فى أى لحظة من وراء تلك الناصية المقابلة لنافذة غرفتى, ولا أذكر أن عادت أمى للزيارة طيلة الثلاثة أشهر التى غابت فيها. لم يكن لدى حينها شىء أفعله غير النوم لعلى أحظى بحلم أرى فيه وجه أمى, لعلنى أحظى بأبتسامة, بلمسة من أطراف يديها, لأكلة شهية لكن كان ذلك فى نطاق الوهم فأصبحت فى شدة أكتئابى. ومشاكلى مع أبى أصبحت متجددة الصلاحية .. متجددة بأستمرار ولا نهدأ إلا عند وقت النوم .. حيث نقع خارين على الأسرة منهكى العضلات. فأصبح عندى أعتقاد قوى أن أمى تركت المنزل للأبد وعلى أن أعيش مع أبى "المستحيل" معتمداَ على نفسى فى أشياء كثيرة. وتلك كانت صدمة عاطفية قوية أثرت فيا بشدة. على أن أعُلق قلبى بشخصاً أخر.



الصدمة الثانية: السن (18) السنة(2008)



أذكر أن تلك الليلة كانت ليلة من جحيم وعدم هدوء أعصاب وتوتر عام يملأ أركان المنزل. أبى ينزف من رأسة أثر ضربة قوية بالكوب. أمى فى محاولة لتضميد الجرح, أبى يرفض ذلك _ ستعرفون لاحقاَ _ أخى يصور بهاتفه المحمول, أنا خارج المنزل فى طريقى إلى "لا أعلم"
أبى يتجه إلى قسم الشرطة التابع للمنطقة ليقوم بالأبلاغ عن الواقعة ويأخذ معه بواب العمارة ليلعب دور الشاهد على "لا يعلم" فتلك هى سياسة العشرون جنيهاَ تلعب دورها جيداَ جداَ.

أبى يتحدث للأمين: إلحقنى يأمين, إبنى ضربنى بالكوباية على راسى وبتنزف دم !! مممم هذا هو الهدف أذاَ بعدم ترك أمى بمعاجلة الجرح, فبتلك الدماء يستطيع تحرير محضر موثق والمرات التى من قبل كانوا لا يحركون ساكناَ نظراَ لعدم واقعية الكلام الذى يٌقال كل مرة لكن هذه المرة يوجد دماء _ نعم ذلك ماحدث فعلاَ لكن لتفكروا فى الأمر قليلاَ, أيمكن لشخص مثلى والمعروف لدى الناس أجمعين وبين أصدقائة بحسن خلقه وطيبته فى تعامله مع الناس, أن يكون قد سبب ذلك الضرر الذى يتكلم عنه ذاك الشخص ؟! هذا صحيح وأن كان فى الأمر غموض.

وبعد مرور بضع ساعات من وقوع الحادثة هاتفى يرن وأذ بصوت أجش يطلب منى القدوم فوراَ لقسم الشرطة التابع لمنطقتى. الذهول يُرسم على وجهى ولا أعرف لماذا ؟ لعله طلب النمرة بالخطأ. أؤكد عليه أذا كان يقصدنى أنا او غيرى, فيفاجئنى بلفظه لآسمى رباعياَ وسبب المجىء "الأعتداء على الوالد وضربه بالكوب على رأسه" أنتابتنى حالة من الصمت طالت وأنا أفكر فيما قاله أمين الشرطة بينما أجيب عليه بالقبول والمثول أمامه فى غضون دقائق. لاأعلم كيف وافقته على المجىء حتى هذه اللحظة.


أمام قسم الشرطة أمشى وفى قدمى رجفه ولا أكاد اخطو داخل القسم إلا وأجد أبى جالس قدم على الأخرى وأمامه كوب الشاى وبجانبه البواب. ينظر إلي أمين الشرطة فى تعجب و أستغراب ويسألنى: فى حاجة يبنى؟, يقاطعه أبى ويقول: "ده أبنى إللى ضربنى يا حضرة الباشا." ..  يرمقنى الأمين ولا يكاد أن يصدق ما يراه أمامه. يكاد لا يستطيع المقارنة فيما حُكى له عن الشخص الخيالى الذى تفنن السيد الوالد فى وصفه وبين الحقيقة التى تقف أمامه !! يحاول الأمين إلقاء نظرات رجال الشرطة الممتلئة بالغموض وضيق العينين فى محاولة للتشكيك أو إثارة الرعب فيا, وقبل أن يسألنى السؤال المتوقع .. يشعل سيجاره:

- أنت صحيح ضربت والدك بالكوباية على راسه؟

- أيوة ..بس أنا مكنش قصدى وأمى تشهد على إللى حصل.

يطلب أمين الشرطة من المساعد أن "يكلبش" يدى ويعلقها على حديد الزنزانة. لا أصدق أن هذا يحدث فعلاَ,فتلك الأفعال أراها فى الأفلام فقط لكن ذلك واقعى وها أنا أعايشه. يقوم الأمين بتوجيه ضربات خفيفة على جبينى مع توجيه العبر والدروس الأخلاقية بعدم فعل أمر مماثل. وفى هذه اللحظات التى كانت تمرعلي كشريط سينمائى, كنت لا أشعر بمن حولى وأتذكر جيداَ عدد الدموع التى أظفرتها عينى فى ذلك الموقف, بل قلبى .. ولكنها لم تكن مجرد دموع, بل كانت دموع تحمل الكثير, والكثير جداَ ليؤثر فى بقية عمرى.



الصدمة الثالثة: السن(21) التاريخ(2011)



فى مجال العمل, حيث لايوجد مكان للقلب على الإطلاق. ماعدا أنا .. فكنت ساذجاَ بالدرجة التى كانت تجعلنى صيداَ سهلاَ لأى شخص غير مصرى فى المساعدة للحصول على المعلومات الكافية لإدارة وتشغيل مشروع خاص.  فأنا من الأشخاص الذين يتحدثون الأنجليزية على الطريقة الأمريكية والأمانة والصدق والأخلاص كانوا يؤهلوننى لذلك المنصب, فأعتقدت أنى شخص رائع وبناءاً على ذاك سيقوم الناس بتقديرى على أمانتى وصدقى. لكن لم تكن تلك النتيجة !! فعندما تعلق أحلامك وأمنياتك على ذلك الصديق .. وعندما تعتقد أن الحياة أبتسمت لك, فبعد ساعات من العمل المستمر دام لمدة عام كامل أتنقل فيه بين محافظة  تلو الأخرى لتجميع ضروريات إقامة المشروع الخاص, أذ يفاجئنى صديق العمل بالعودة إلى وطنه لأن الأمور لم تكن بالمستوى المتوقع ووعدنى بالحضور فى حالة إتزان حال البلد أقتصادياَ !! فتلك المرة كانت الضربة القاضية بالنسبة لى, لأنها قادمة من ظرف خارج عن أرادتى ومن قوة أكبر من الجميع. "البلد اللعينة" والأمر يحتاج إلى "ما يعلمه الله" من وقت إلى أن ترجع الأمور لطبيعتها. ولك أن تتخيل شكلى بعد ذلك الموقف .. صمت تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام.



بعد مرور الكثير من فترة أستعادة الوعى (Rehab) كنت قد تحولت لذلك الألى ببلوغى سن الثالث والعشرون وأصبحت عديم الأحاسيس خارج المنزل وفى مجال العمل. والذين يحظوا بأهتمامى وبحنانى هم ثلاث أشخاص لا رابع لهما: أمى و قططتى.

لا أذكر علاقة واحدة ناجحة فى مجال الأرتباط العاطفى, حيث أن مجرد الأسم: أرتباط "عاطفى" فيه أستخدام لأسم العاطفة. العاطفة التى مُحيت من طبيعتى بفضل التجارب. العاطفة التى كلما أستخدمها تنقلب على بالأسوء, العاطفة التى جعلت منى شخص ساذج وضعيف, العاطفة التى أستخدموها الناس ضدى كنقطة ضعف. فبأى حق أستطيع النجاح فى أستخدام العاطفة.

المرة الوحيدة التى أذكر أنى أستخدمت فيها عاطفتى مع أحد الأشخاص, أنتهت بعدم قبولى لهدية عيد ميلادى منها. لك أن تتخيل ماذا حدث ليؤدى إلى هذا. كل ما أستطيع أن أخبرك به هو إنى "لاأعرف لماذا لكنه كذلك" !!!


2 comments:

  1. مجرد الأسم: أرتباط "عاطفى" فيه أستخدام لأسم العاطفة. العاطفة التى مُحيت من طبيعتى بفضل التجارب. العاطفة التى كلما أستخدمها تنقلب على بالأسوء, العاطفة التى جعلت منى شخص ساذج وضعيف, العاطفة التى أستخدموها الناس ضدى. فبأى حق أستطيع النجاح فى أستخدام العاطفة. the samy feeling i have got :(

    ReplyDelete
  2. Well, lets make this reply a bit different than the other on on facebook :D
    Am so glad that you liked my article and that's for sure gonna give me a push to move forward in my writings.

    ReplyDelete